يُعدّ هبوط المستقيم عند النساء (Rectal Prolapse) من الحالات الطبية التي يُساء فهمها كثيرًا، إذ تقع العديد من النساء بين الخوف من الجراحة والإهمال في طلب العلاج، مما يؤدي إلى تفاقم الأعراض وتأثيرها الكبير على جودة الحياة.
وفي هذه المقالة، نسلّط الضوء على أسباب هبوط المستقيم، أعراضه، درجاته، طرق التشخيص، وأفضل خيارات العلاج الآمنة، خاصة لمن تخشى العمليات الجراحية.
هبوط المستقيم عند النساء: بين الإهمال والخوف من الجراحة
ما هو هبوط المستقيم؟
هبوط المستقيم هو حالة يحدث فيها هبوط أو خروج جزئي أو كامل لجدار المستقيم من خلال فتحة الشرج.
في الحالات المتقدمة، قد تشعر المرأة أو ترى كتلة لحمية تخرج من فتحة الشرج، خصوصًا أثناء التبرز، السعال، أو حتى الوقوف لفترات طويلة.
أسباب هبوط المستقيم عند النساء
تُعد النساء أكثر عرضة للإصابة بهبوط المستقيم، خصوصًا بعد سن الثلاثين، وذلك لأسباب متعددة، منها:
- الولادة الطبيعية المتكررة
- ضعف عضلات الحوض نتيجة تقدم العمر أو ضعف البنية الجسدية
- الإمساك المزمن والشدّ أثناء التبرز
- السعال المزمن أو الضغط البطني المتكرر
- التاريخ العائلي للهبوط أو ضعف الأنسجة
- جراحات سابقة في الحوض أو المستقيم
أعراض هبوط المستقيم
في البداية، قد تمر الحالة دون ملاحظة واضحة، لكن مع الوقت تظهر الأعراض التالية:
- إحساس بثقل أو ضغط في منطقة الشرج
- خروج جزء من المستقيم أثناء التبرز أو السعال
- ألم عند الجلوس أو بعد التبرز
- صعوبة في تفريغ الأمعاء بالكامل
- سلس البراز أو تسرب مخاطي
- نزيف شرجي خفيف نتيجة احتكاك الجزء الهابط
- التهابات أو تقرحات متكررة في منطقة الشرج
أنواع ودرجات هبوط المستقيم
ينقسم هبوط المستقيم إلى ثلاثة أنواع رئيسية:
1. هبوط مخاطي جزئي (Partial Mucosal Prolapse):
يحدث فيه هبوط لبطانة المستقيم فقط دون الجدار العضلي.
2. هبوط كامل (Full-Thickness Prolapse):
يندفع فيه جدار المستقيم بالكامل إلى الخارج، وقد يتطور من حالة مؤقتة إلى دائمة.
3. هبوط داخلي (Internal Intussusception):
يبقى الانزلاق داخل القناة الشرجية، ولا يظهر خارج الجسم، لكنه يسبب أعراضًا مزعجة مشابهة.
هل هبوط المستقيم خطير؟
رغم أن هبوط المستقيم في بداياته لا يُعدّ حالة طارئة، إلا أن الإهمال في علاجه قد يؤدي إلى:
- تفاقم الأعراض وصعوبة الإرجاع
- ضعف تحكم في عضلة الشرج
- التهابات مزمنة أو تقرحات
- انسداد أو صعوبة الإخراج
- في الحالات النادرة، انحباس الجزء الهابط، ما يستدعي التدخل الجراحي الطارئ
لماذا تخشى بعض النساء الجراحة؟
تشعر كثير من النساء بالخوف أو القلق من اللجوء للجراحة، وذلك لأسباب مثل:
- الخجل أو الحرج من مناقشة الأعراض
- خوف من فقدان السيطرة على البراز بعد الجراحة
- القلق من مضاعفات التخدير أو الفشل الجراحي
- نقص في التوعية حول الخيارات العلاجية غير الجراحية
لكن في الحقيقة، هناك خيارات آمنة ومتنوعة لعلاج هبوط المستقيم، ليس الجراحة وحدها!
طرق التشخيص الحديثة
يتم تشخيص الحالة باستخدام:
- الفحص الإكلينيكي الدقيق
- الفحص الشرجي بالمنظار
- التصوير بالرنين المغناطيسي للحوض (MRI)
- أشعة ديناميكية أثناء التبرز (Defecography)
- قياس الضغط الشرجي (Anorectal Manometry)
هذه الفحوصات تُحدّد نوع ودرجة الهبوط، وتساعد في وضع خطة علاج شخصية لكل مريضة.
هل يمكن علاج هبوط المستقيم بدون جراحة؟
نعم، في المراحل الأولى، يمكن السيطرة على الأعراض ومنع التدهور من خلال:
1. العلاج التحفظي (غير الجراحي):
- تعديل النظام الغذائي والإكثار من الألياف
- تجنب الإمساك وممارسة الرياضة
- تقوية عضلات الحوض بتمارين “كيجل”
- استخدام أدوات مساعدة مثل تحميلات شرجية
- علاج المشاكل المصاحبة مثل السعال أو الكحة المزمنة
2. العلاج بالحقن (Sclerotherapy):
في بعض الحالات البسيطة، يمكن حقن مواد خاصة لتقوية جدار المستقيم ومنع الهبوط.
متى نلجأ إلى الجراحة؟
يُنصح بالتدخل الجراحي إذا:
- لم تنجح العلاجات التحفظية
- زادت شدة الهبوط أو أصبح مستمرًا
- ظهرت مضاعفات مثل سلس البراز أو الانحباس
- أثّرت الحالة على حياة المريضة اليومية
الجراحة الحديثة أصبحت آمنة وأقل تدخلاً، ويمكن إجراؤها عبر المنظار أو عبر العجان، حسب الحالة. وهناك تقنيات مثل:
- جراحة تثبيت المستقيم (Rectopexy)
- استئصال الجزء الهابط مع تثبيت المستقيم
- الجراحة عبر العجان للنساء كبار السن
الخلاصة
هبوط المستقيم عند النساء حالة قابلة للعلاج بشكل كامل، لكنها تحتاج إلى الوعي، الجرأة في التشخيص، وتقبّل الخيارات العلاجية.
سواء كنتِ في بداية الأعراض أو تعانين منذ فترة، فإن الحل يبدأ بخطوة بسيطة: استشارة طبية دقيقة لدى اختصاصية موثوقة.
